الهواتف ليست المشكلة، مواقع التواصل هي الخطر الحقيقي
غالباً ما تُلقى مسؤولية تدهور الصحة النفسية للأطفال على الهواتف الذكية، وتُتهم بتغذية مجموعة واسعة من المشكلات مثل إدمان الإنترنت والألعاب الإلكترونية، وتبني الأفكار السلبية من مصادرها.
لكن، وفقاً للأبحاث، فإن امتلاك الهواتف الذكية ليس دائماً أمراً سيئاً، بل يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على رفاهية الأطفال. قامت دراسة أجراها خبراء في جامعة جنوب فلوريدا بتحليل عادات استخدام الهواتف الذكية لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و13 عاماً. وقد نشرت نتائجها مؤخراً.
الهواتف الذكية تفعل الخير فعلًا
أظهرت دراسة حديثة أن امتلاك الأطفال للهواتف الذكية له تأثير إيجابي على صحتهم النفسية ورفاهيتهم، حيث سجّل الأطفال الذين يمتلكون هواتف ذكية درجات أعلى في مقاييس الرفاهية وكانوا أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب أو القلق. علاوة على ذلك، فهم أكثر تفاعلًا مع الناس في حياتهم الواقعية ويشعرون عمومًا بتحسن مقارنة بالأطفال الذين لا يمتلكون هواتف ذكية. الهواتف الذكية للأطفال، فوائد الهواتف الذكية، صحة الأطفال النفسية.
ووفقًا للجنة الخبراء التي أجرت الدراسة، والتي تضم صحفيين وعلماء نفس وخبراء في الصحة العامة، فإن امتلاك الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 11 عامًا فما فوق للهواتف الذكية يُعدّ أمرًا مقبولًا، بل قد يؤدي إلى نتائج إيجابية. وقد أكدت الدراسة أن استخدام الهواتف الذكية بشكل مسؤول يمكن أن يعزز التواصل الاجتماعي والمهارات المعرفية لدى الأطفال.
وقال الباحث الرئيسي، جاستن د. مارتن: “بدأنا هذه الدراسة متوقعين أن نجد ما يفترضه العديد من الباحثين والمعلمين والمراقبين الآخرين: أن امتلاك الهواتف الذكية ضار بالأطفال. لم يكن هذا هو الحال فحسب، بل وجدنا في معظم الأحيان العكس – أن امتلاك هاتف ذكي كان مرتبطًا بنتائج إيجابية”.
على الرغم من امتلاكهم للهواتف الذكية، إلا أن الأطفال كانوا أكثر ميلًا للمشاركة في أنشطة مثل ممارسة الرياضة والتفاعل الشخصي مع الأصدقاء، وأبلغوا عن ارتفاع تقديرهم لذاتهم، وفقًا لـ Poynter Institute، الذي كان أيضًا ضمن اللجنة الاستشارية. يُشير هذا إلى أن الهواتف الذكية لم تحل محل التفاعلات الاجتماعية الحقيقية، بل ربما عززتها.
سيُستخدم تقرير مسح Life in Media المكون من 88 صفحة الآن لإجراء دراسة على مستوى البلاد ستستمر على مدى السنوات الـ 25 المقبلة، بينما سيتم جمع البيانات كل ستة أشهر. من المتوقع أن تقدم هذه الدراسة الطويلة الأمد رؤى قيمة حول التطور طويل المدى لتأثير الهواتف الذكية على الأطفال.
مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي
تبدأ المشكلة الحقيقية من مواقع التواصل الاجتماعي. حيثُ أشار التقرير إلى أن “الأطفال الذين ينشرون بشكل متكرر على منصات التواصل الاجتماعي معرضون لخطر الإصابة بأعراض الاكتئاب والقلق المعتدلة أو الشديدة ومشاكل النوم بضعف معدل الأطفال الذين لا ينشرون أو ينشرون نادرًا”.
أفاد 6 من كل 10 طلاب بتعرضهم لشكل من أشكال التنمر الإلكتروني، مما أدى إلى ظهور علامات الاكتئاب والضغط النفسي وأنماط إدمانية. كما أظهرت دراسات سابقة أن المستخدمين الشباب غالبًا ما يجدون صعوبة في الابتعاد عن مواقع التواصل الاجتماعي، على الرغم من إدراكهم لتأثيرها السلبي على رفاهيتهم الأكاديمية والشخصية.
يوصي الخبراء بأن يقوم الآباء بتثقيف أبنائهم حول الاستخدام الصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي وتشجيعهم على الاعتدال في النشر، بدلاً من حرمانهم من هواتفهم. وهناك توصية أخرى مهمة وهي عدم السماح للأطفال بأخذ الهواتف الذكية إلى أسرّتهم.
استنادًا إلى شهادات الطلاب، وجدت الدراسة أن الأطفال الذين يأخذون هواتفهم إلى أسرّتهم لا يحصلون على قسط كافٍ من النوم، ويعود ذلك إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي. فالأطفال الذين ينشرون على مواقع التواصل الاجتماعي ينامون أقل (8.9 ساعات مقابل 9.3 ساعات) مقارنةً بمن لا ينشرون محتوى عبر الإنترنت.
علاوة على ذلك، يُنصح الآباء بالبحث عن علامات التنمر والمضايقات الإلكترونية، واتخاذ الإجراءات الداعمة المناسبة. وتشير الأبحاث إلى أن أخذ فترات راحة قصيرة يمكن أن يكون مفيدًا للغاية.